أقر البرلمان المصري في يوليو، بحسب ما أوضحت الكاتبة مريم رزق وزميلها محمد عز، قانونًا جديدًا يُنهي ضوابط الإيجارات التي استمرت لعقود، ويبدأ تنفيذ التغيير تدريجيًا خلال خمس سنوات للوحدات غير السكنية وسبع سنوات للوحدات السكنية، مما يضع ملايين المستأجرين أمام واقع اقتصادي صعب. عاشت خضرة إبراهيم علي، 84 عامًا، نصف قرن في شقتها بوسط القاهرة مقابل أقل من 11 جنيهًا شهريًا، لكنها تخشى اليوم أن تفقد هذا الاستقرار وسط تضخم متسارع وارتفاع تكاليف المعيشة.
وذكرت وكالة رويترز أن القانون يخص عقود الإيجار الموقعة قبل 31 يناير 1996، وهي العقود التي استثناها تحرير السوق العقاري آنذاك، وأدت إلى تفاوت كبير بين إيجارات رمزية في مناطق راقية وبين أسعار السوق الحالية. اعتبر الملاك الخطوة إنصافًا لهم بعد سنوات من تقاضي مبالغ زهيدة حالت دون الاستثمار في الصيانة، بينما عبّر المستأجرون عن قلقهم من ارتفاعات لا قدرة لهم على تحملها.
أكد مسؤولون حكوميون التزام الدولة بتوفير شبكات أمان اجتماعي. وأعلن مجلس الوزراء أواخر أغسطس قواعد لتخصيص وحدات سكنية لمستأجري العقود القديمة بنظام الإيجار أو التمليك أو الإيجار المنتهي بالتمليك.
منذ منتصف القرن العشرين، فرضت الدولة المصرية قوانين استثنائية على سوق الإيجارات السكنية وغير السكنية. بدأت هذه القوانين مع توجه الدولة بعد ثورة 1952 نحو "العدالة الاجتماعية"، فجرى تجميد أسعار الإيجارات عند مستويات منخفضة جدًا، وأُعطي المستأجرون وأسرهم حق البقاء في الوحدات إلى أجل غير مسمى.
هذا الوضع خلق مع الوقت فجوة كبيرة بين "الإيجار القديم" الذي لا يتجاوز أحيانًا بضع جنيهات، وبين أسعار السوق التي ارتفعت مع التضخم وتزايد الطلب على السكن. كثير من الملاك اشتكوا من حرمانهم من العائد العادل على ممتلكاتهم، بل إن بعضهم كان يتقاضى مبالغ رمزية لا تكفي للصيانة. في المقابل، اعتبر ملايين المستأجرين أن هذه العقود وفّرت لهم استقرارًا اقتصاديًا في ظل ارتفاع الأسعار والأزمات المعيشية.
حاولت الدولة في منتصف التسعينيات تحرير السوق عبر قوانين جديدة، لكنها طبقتها فقط على العقود الموقعة بعد 1996، تاركة العقود القديمة كما هي. هذا الاستثناء أبقى التناقض قائمًا لعقود طويلة، إلى أن أصدرت المحكمة الدستورية في نوفمبر 2023 حكمًا بعدم دستورية بعض مواد قوانين الإيجارات القديمة، وألزمت الحكومة بتعديلها.
من هنا جاء القانون الجديد الذي أقره البرلمان في يوليو 2025، ليبدأ إنهاء تدريجي لهذه العقود على مدى خمس إلى سبع سنوات، مع تحديد زيادات كبيرة في الإيجارات كمرحلة انتقالية. في الوقت نفسه، تعهّدت الحكومة بتوفير بدائل سكنية أو دعم للفئات غير القادرة، لكن خبراء حذروا من ضغوط هائلة على العرض العقاري، واحتمال تسريع وتيرة التهجير غير المباشر والتغيير العمراني في أحياء تاريخية.
https://www.reuters.com/world/africa/egypt-scraps-decades-old-rent-caps-fuelling-eviction-fears-2025-09-03/